مع الجائحة التي نعاني منها جميعاً بسبب فايروس كورونا Covid 19 اتجهت العديد من الشركات الى العمل عن بعد. واجهت بعض الشركات تحديات عديدة في هذا التوجه.
هذا الموضوع المؤلف من جزئين يتحدث عن إدارة المنظمات عن بعد، يستعرض المنافع والتحديات وكيفية تمكين الشركة والموظف للعمل عن بعد بالاضافة عن الأدوات التقنية اللازمة.
لنبدأ ببعض الإحصائيات والأرقام:
- ارتفع معدل انتشار الموظفين الافتراضيين بنسبة 39٪ بين عامي 2014 و 2016 (AoN)
- هنالك 3 من أصل كل 10 شركات أمريكية تعمل بشكل افتراضي بالكامل (2019buffer ).
- يعمل 30 مليون موظف من المنزل مرة واحدة على الأقل في الأسبوع في الولايات المتحدة وحدها.
- من المتوقع أنه بحلول عام 2022، سيعمل 60٪ من موظفي المكاتب في الولايات المتحدة عن بعد (SHRM, 2018)
- في عام 2016 ، كان 25٪ من موظفي Dell بشكل جزئي أو كامل يعملون من المنزل إما لبضعة أيام من الأسبوع أو بدوام كامل. وفرت الشركة توفير 12 مليون دولار سنويًا في تكاليف العقارات. (Indeed, 2018)
- تعتقد 85٪ من الشركات أنها أصبحت أكثر إنتاجية بفضل سياسات العمل المرنة. (IWG, 2019)
لاحظ أن هذه الدراسات قبيل أزمة كورونا! فلك أن تتخيل كيف يمكن أن تتغير هذه الأرقام.
مزايا العمل عن بعد للشركات
الشركات – أو المشاريع الريادية الناشئة – التي ستؤَسس هذه الفترة سيكون اتخاذ منهج العمل عن بعد أنسب لها حيث أن التكاليف التأسيسية أقل و بالتالي مخاطر التأسيس أقل أيضاً.
وبالنسبة الى الشركات القائمة ستقوم بتوفير كبير في تكاليفها التشغيلية، حيث هنالك دراسة تتحدث عن أن الشركات الصغيرة والمتوسطة استطاعت توفير مبلغ 11 ألف دولار سنويا عن كل موظف يعمل عن بعد)… وهذا الرقم يُعد منطقياً فيما لو تخيلنا ما تدفعه الشركات من بدلات المواصلات، قيمة الإيجارات، الصيانة، الفواتير…. الخ.
أيضا الشركات أصبح بإمكانها استقطاب الخبرات دون التقييد بالمنطقة الجعرافية وأصبح هنالك ما يسمى بالتوظيف التنافسي.
أيضاً حينما يشعر الموظف بارتياح ومرونة في العمل سيكون أكثر ولاءً للشركة وبالتالي ستحافظ الشركة على معدل استبقاء أعلى للموظفين.كما أن الشركات الناجحة في تسيير بيئة العمل عن بعد ستكون أكثر صمودا لمواجهة التقلبات الاقتصادية مقارنة بمثيلاتها من الشركات، وهذا ما شاهدناه في بعض الشركات خلال هذه الأزمة.
مزايا العمل عن بعد للموظفين
تخيل أن موظف يقضي ساعة من يومه في المواصلات ليصل الى عمله ومثلها للعودة الى بيته، هذا سيكون ما مجموعه فقدان 10 ساعات أسبوعياً أي 40 ساعة في الشهر على المواصلات فقط ! وهذه الساعات تُعتبر قيمة اسبوع عمل في عُرف الشركات، فمن أولى بهذه الساعات؟
أيضا العمل عن بعد سيفتح مجالات عمل كبيرة أمام الموظفين المتواجدين في أي مكان أو الموظفين الذين لديهم ظروف خاصة أو إعاقة تمنعهم من زيارة مقر الشركة يومياً.
بحسب دراسة قام بها معهد Indeed ذكر أن 75% من الموظفين الذين يعملون عن بعد تحسن عندهم موضوع الموائمة بين العمل والعائلة،
كما أن 57% منهم ذكروا أنه قلت الضغوط المصاحبة لجو العمل وغيرها من المنافع الموجودة بالمخطط التالي التي تُظهر أن العمل عند بعد مكَّن حياة أفضل للموظفين.
تحديات في العمل عن بعد
سيواجه الموظفين والشركات تحديات عديدة خصوصاً عند التحول المفاجئ للعمل عن بعد، ومن أهم تلك التحديات للشركات هي:
- مقاومة التغيير من قبل الموظفين
خصوصاً من قِبَل أؤلئك الذين لا يمتلكون مهارة إدارة أنفسهم self management skills وإدارة أوقاتهم أو ممن لا يجيدون العمل على الأدوات التقنية ولديهم حاجز نفسي في تعلمها أو بكل بساطة من الموظفين الذين لا يتلقون تدريباً جيداً عن كيفة أداء أعمالهم بطريقة مغايرة عما كان عليه بالواقع. - تراخي الموظفين في العمل
فالموظف الذي لا يتقن إدارة نفسه ووقته علاوة عن عدم تمكن من يديره من شرح ما هو مطلوب منه بشكل جيد سيؤدي الى تراجع أداء الموظف وتراخيه عن العمل. - احتمالية خسارة بعض العملاء
وذلك في حال عدم إيجاد طرق ابتكارية لفتح قنوات تواصل مع العملاء أو تقاعس موظفي الدعم الفني أو التسويق أو خدمة المبيعات. - احتمال ضعف ولاء وانتماء الموظف
لو لم يتم إدارة التحول للعمل عن بعد بشكل صحيح سيتعرض كثير من الموظفيين الفاعلين للشعور بانعدام الأمان الوظيفي، فحينما لا يتم اسناد مهام إليه بشكل دوري ولا يتم التواصل معهم لفترة من الزمن، سيُشكل لدى الموظف شعور بالوحدة والتهميش! وسيبدأ بالظن أن الشركة تفكر بالتخلص منه، وبالتالي سيتحول جهد ذلك الموظف الى البحث عن عمل آخر بدلا من التركيز على مهامه.
أما فيما يتعلق بالموظفين
فمن أهم التحديات كما ذُكر في دراسة أعدها Buffer.com عام 2019 سأذكر خمسة منها والبقية موجودة في الصورة أدناه.
أكبر المعاناة التي يعاني منها الموظفين الذين يعملون عن بعد تتمثل في :
- عدم تمكن الموظف من الانفضال الذهني من العمل حتى بعد انهاء ساعات عمله
فالموظف المُنتج يؤدي أعماله من بيته، لا يقابل أحد، نفس البيئة ونفس الوجوه التي يتعامل معها دوماً، لا خروج من المنزل – في ظل هذا الوباء حالياً- فتجده لا يتسطيع أن ينفك من نداء داخلي يدفعه لإنجاز مهامه خصوصاً أن مكان العمل في الغرفة المجاورة! - معاناته من الشعور بالوحدة
فلا اجتماعات جانبية ولا زملاء عمل يتبادل معهم المعرفة واعتماده بالكامل على نفسه. - تحدي في التواصل
التواصل الجسدي والتعاون سواءً مع زملائه أو عملاء الشركة - التشويش
فالموظف يعمل في مكان مخصص للعائلة، ومن الصعب الطلب من العائلة والأولاد تأمين جو يشبه جو العمل. - العمل مع موظفين في منطقة زمنية مختلفة
لو في الشركة موظف يعمل من البرازيل وآخرين في السعودية مثلاً ، فسيكون هنالك فارق توقيت حولي 6 ساعات، وبالتالي سيضطر هذا الموظف هو أو زملائه من تغيير أوقات اجتماعاتهم أو ساعات عملهم.
هذا تقريباً مقدمة عن الموضوع، في الجزء الثاني سيكون الحديث عن كيفية تهيئة الشركة والموظفين للعمل عن بعد بالاضافة الى الحديث عن المنصات والأدوات التقنية المستخدمة.
نلقاكم قريباً بإذن الله.
— تحديث: إقرأ الجزء الثاني من الموضوع حول تمكين الشركان للعمل عن بعد: https://www.monzerosama.com/?p=2716