خلال رحلتها في التحويل التقني، ستجد الشركات نفسها أمام مرحلتين هما مرحلة الاكتشاف Exploration ومرحلة الاستغلال Exploitation ! إدارة هذه المراحل حساسة للغاية ولابد من انتهاج استراتيجية صحيحة وإدارتهما بشكل فعّال كي تحقق الشركات تحولاً مرناً وفعال.
الشركات التي تُغرق نفسها في استغلال (Exploitation) إمكانياتها وما وصلت إليه من سابق عهدها وخبرتها، قد تجني أرباحاً سريعة لكن بعد فترة قد تجد نفسها خارج السوق! وأكبر مثال على ذلك شَرَكَتي نوكيا وكوداك.
وبالمقابل فإن الشركات التي تُركِّز بشكل كبير على الاكتشاف Exploration والابتكار في منتجاتها وخدماتها ونماذج أعمالها و تَبَني تقنيات مبتكرة وإهمال جانب الاستغلال، سيؤدي ذلك الى ضياع فرص كبيرة ولربما خسائر جسيمة تؤدي الى إغلاق الشركة.
تحتاج الشركات إلى تحقيق توازن بين الاسكشاف والاستغلال، فليس من المجدي الغوص في اكتشاف نماذج عمل او اسواق أو استراتيجيات جديدة دون استغلال ما تم الوصول اليه وتحويله الى مصدر دخل!
شركة Corning – وهي شركة تُعنى بتصنيع الزجاج – قامت باختبار زجاج مقوى كميائياً عام 1960 وكان استخدام هذا الزجاج محصور على الطائرات وبعض أنواع السيارات، انخفضت أسهم هذه الشركة الى أدنى مستوياتها عام 2002!
غيرت الشركة من استراتيجيتها وطورت علاقاتها واستغلت ابتكاراتها الى أن وصلت الى إتفاقية مع شركة آبل، والآن لهذه الشركة منتج يسمى جوريلا جلاس Gorilla Glass المستخدم في أكثر من 5 مليارات جهاز جوال حالياً.
عادة تقوم الشركات الناجحة خلال رحلة تحولها الرقمية بتخصيص فريق يسمى بالـ Growth Hackers أو متطفلي النمو، مهمة هذا الفريق هو العمل على اكتشاف الفرص والنمو للشركة في السوق بشكل استراتيجي وتحدد له نسبة من الموازنة العامة بينما يعمل بقية الفريق الآخر على استغلال هذا النمو وتحويله الى مصدر إيراد.
من أهم مميزات هذا الفريق هو ان يكون على دراية بتاريخ الشركة ومن أبنائها المخضرمين، هذا الفريق يجب ان يكون مطلع على عملياتها وعلى معرفة بنقاط ضعفها وقوتها ومنافسيها ولديه شغف للبحث حول التقنيات والوسائل التي قد تخدم توجه الشركة.
ما هو مقدار الموازنة الذي سيحدد لهذا الفريق؟
الاجابة هنا يحكمها عوامل عديدة أهمها استقرار الشركة وبيئة عملها. فلو افترضنا ان الشركة تعمل في بيئة مستقرة فيمكن تخصيص ما قيمته 10% من الموازنة لهذا الفريق و 90% للفريق الذي سيعمل على جلب الايرادات.
بطبيعة الحال سيبدأ الفريق بجلب الكثير من الافكار وسيقوم بعمل العديد على التجارب في منتجات جديدة وقد يتعرض لبعض الإخفاقات وسيجلُب بعض المكاسب أيضاً، وهنا يتعين على الادارة ان تضع نظام مراقبة وتقييم مستمر وآلية محددة لفحص نتائج تطور هذا الفريق، ولربما تضطر الإدارة إلى زيادة التخصيص من هذه الموازنة لتكون 15% أو أكثر ولربما تنقصه وذلك بحسب النتائج.
خلاصة القول أن تحقيق التوازن بين التشغيل والابتكار هو استراتيجية مهمة يجب على من يدير عجلة التحول الرقمي تقييمها وإدارتها ومراقبة نتائجها باستمرار لتحقيق أكبر كفائة ممكنة.
حسب علمي المتواضع ان لكل شركة تسعي الى التطوير في منتجاتها يجب ان يكون لديها ادارة مختصة بالبحث والتطوير وهو مايعرف سابقا بالمصطلح R&D. توضع له ميزانية خاصة ويتم تقييم اعمال هذه الادارة بشكل دوري. وللاسف حجم الانفاق على هذه الادارةعندنا قليل جدا او يكاد يكون منعدما. بعكس الشركات العالمية التى تقدر مدي اهمية هذه الادارة
أحسنت ا. مصطفى
تأتي اهمية وضرورة وجود هذه الإدارة أثناء التحول الرقمي للشركة أكثر من أي وقت مضى، إذ أن الشركة في طور تحول، أي تتحول في خدماتها، ومنتجاتها، وتعاملاتها مع مورديها وعملائها، وبالتالي فإن لم يكن لهذا القسم الدعم والتمكين الكافي لدراسة عقبات هذا التحول سيكون هنالك خطر على عملية التحول هذه.
شكرا لمشاركتك